الثامن عشر من حزيران ...
الشارع خالٍ الا من بعض سيارات يتوالى مرورها على لحظات متقطعة .. تبدو السماء صافية ، تخلو من الغيوم التي اعتادت أن تحجب زرقتها كل يوم ، النسيم عليل والهدوء سيد الموقف ..
لا تسمع الا زقزقة العصافير ... انها السادسة صباحًا ، والشمس لم تستيقظ بعد ... خرجت الى الحديقة ، وفي يدي أوراق بيضاء صافية وقلم حبر أسود ...
في الحديقة .. كل شيء كان يدعوني أن أكتب ... الخضار المنعش ، ورائحة زهور الريحان ..
كانت ورود الجوري قد زرعت في أماكن متقطعة ... ولكنها أعطت للمكان رونقه الخاص ... وقطرات الندى التي انتشرت عل اوراق الشجر والحور الذي احاط بكل جانب من جوانب الحديقة يحرسها ...
في تلك الحديقة ، كل شيء كان يدعوني أن أكتب ... استوقفتني وردة حمراء وحيدة كانت تتوسط زهورًا بيضاء صافية ... آه كم هي جميلة تلك الوردة ، تقف شامخة ... في عينيها لمحة غرور ، تتباهى بجمالها بين زميلاتها البيض ...
أقبلت اليها ... وضعت يدي على خصرها ، وبلطف شديد سحبتها ، وضعتها بين الأوراق لعلها تلهمني بعض الحروف ...
أمسكتها ... اغمضت عيني ، واحتضنتها بين ذراعيّ بقوة ...
فجأة .. انطلقت من عيني دمعة حزن كادت أن تحرق وجنتي ، أيقظت في داخلي حزنًا قديم ..
أطفأتِ الأنوار من حولي ...
نظرت الى الوردة ، والدموع أغشت عينيّ ، بصعوبة شديدة .. استطعت أن ألمح الوردة ...
إنه الثامن عشر من حزيران ... ذكرى رحيلك أيتها الوردة ... يا رفيقة الشمس ، يا لؤلؤة قلبي ..
صديقتي الغالية سارة .. مضت 6 سنوات على رحيلك ..
6 سنوات .. والحزن يعتصم قلبي ، 6 سنوات ولم أذق للنوم طعمًا ..
غاليتي سارة ... قبل ست سنوات في هذا اليوم ودعتك .. ودعت ابتسامتك ... تركت يداي يدك ..
فقدتِ روحكِ أيتها الوردة ... واعتصمتِ التراب ، تركتني وحيدة أصارع ألم الغياب ...
أفيقي يا دمعتي لو تسمعين ، أفيقي واغسلي الحزن من قلبي ... أفيقي فإنه موعدك ..
"الثامن عشر من حزيران" ... ذكرى وصول سارة إلى التراب ... ذكرى تحطم قلبي الصغير ...
أيتها الأميرة الصغيرة المتربعة على عرش قلبي ...
سارة يا غاليتي ، يا من أسكنتِ الحزن في قلبي ... ها أنا أقف على قبرك ... أحمل بين يدي باقةً من ورودك المفضلة ، أذرف الدموع بغزارة .. أنتِ تحت التراب ،وأنا فوقه ، أنتِ يا شقيقة الشمس .. يا زهرة العراق ، أيتها الطفلة البريئة التي سحقتها نيران العدو ، يا وردةً ديست بدبابات الاحتلال ... 6 سنوات وأنا سجينة الحزن ...
في ذكرى وفاتك قد ساد الظلام .... وغابت الشمس تحت الركام
واعتصمت الأحزان قلبي .... وسكنت الدموع عيني
شكلت حاجزًا حول شفتاي ... منعني الابتسام
أنثر الورود على قبركِ يا زهرة الشام
وأخط كلماتي بعبرة تسح على الركام
هل سيصلك ندائي يا زهرة الشام ؟؟
صديقتك المخلصة والوفية لكِ إلى الأبد .... براءة